لا تجعلوا أمل اللبنانيين يخيب.
فخامة الرئيس في عهدك الجديد أنت الذي وصلت بين هتاف المهللين، وفرح الأطفال، وأمل الأباء، وتنهدات الأمهات، وصيحات ابتهاج المواطنين، وتصفيق المحبين، أنت الذي شبهك بعضهم عن حق أو تسرع وعاطفة وحج خلاص، بالبشير وكميل شمعون وفؤاد شهاب والياس سركيس، على أمل أن لا يخيب ظن الصالحين من اللبنانيين، وتكون فعلاً كما يشتهون. فخامة رئيس البلاد مهامك كثيرة وكبيرة وخطيرة وسط لوعة ومأساة التشريد والقلق والنزوح والهجرة النازفة لشباب يودعون الوطن المخلع الأبواب، وعائلات غادرت دون إرادة العودة، والإقتصاد المدمر، وأوصال البلد المقطعة، أنت المدرك أن كل فرحة قد تنتهي بدمعة ولوعة، وأن كل تهليل قد ينقلب إلى هزع وزعل، وأنه كلما ثقل العبء على كاهلك زاد حملك وكبرت مسؤولياتك. حضرة الرئيس أنت الداخل إلى القصر على أصوات أجراس الكنائس وٱذان المساجد، تبقى أنت من يحمل وزر الخلاص والوطن مع أن التجارب مع من سبقك في تلك المؤسسة العسكرية لم تبشر بالخير. احتضن فخامتك علم لبنان فلا ترى علم آخر فلسطيني أو سوري أو إيراني مجوسي أو غريب آخر وأنت فاعل دون أدنى شك، والمطلوب منك كما كان قد حصل منذ قرن ونيف حين أعلن البطريرك الياس الحويك أمام الملأ ودول القرار حينئذ عن احلال الوطنية السياسية أولا محل الوطنية الدينية، والمطلوب أيضاً وأنت الفاعل التشدد على مفهوم الحياد كما فعل في سبعينيات القرن الماضي أركان “الجبهة اللبنانية” كميل شمعون وبيار الجميل والٱباتي شربل قسيس وشارل مالك وفؤاد إفرام البستاني وغيرهم، فتعالت الأصوات الشاذة حين وصفت أولئك الرجال التاريخيين بالإنعزال والتقسيم والتفتيت، فحياد لبنان سيدي الرئيس حياة له ومن الواجب وضعه على سلم الأولويات، كذلك المطالبة الفورية والعمل على حصرية امتلاك المؤسسات الأمنية الشرعية السلاح ورفع الغطاء عن الميليشيات المذهبية التي عملت على تدمير البلاد والعباد بمجانية تحت مسميات الله وقضايا فلسطين وإيران، كما يدعو الواجب العمل على إصلاح صارم للإدارة والدولة الغارقة بالفساد وتحديثها باعتماد الشفافية والاستقامة والكفاءة العلمية والأخلاقية، ومحاسبة الفاسدين فعلاً لا قولا لأنهم معطلين أساسيين لقيام لبنان، ونرجو أن لا يخيب ظننا أمام هذه الفرصة التاريخية التي ربما لن تتكرر…
د.جو حتي