وطن يتعثر ولا يموت

وطن يتعثر ولا يموت.
من يذهب عميقاً في تاريخ لبنان يلاحظ بسهولة أن هذا الوطن كان بمعظم حقباته أمام إمتحان صعب بين النهوض والتعثر، ينهض عندما يعمل مواطنوه له ويدركون قيمته، ويتعثر عندما يسعى القسم الآخر من ناسه على تعبيد الطريق وتسهيل سياسات وأطماع القوى الخارجية فيه. إن ما يمر به لبنان من أزمات متتالية وحروب ومخاضات يثبت مرة جديدة أن لا خيار أمام اللبنانيين سوى الإعتراف الجدي والرصين بدولة القانون والمؤسسات، والخروج بقناعة راسخة أن لا خلاص لأية فئة إلا بالتوحد حول الشرعية والعودة إلى منطق الدولة، وخروج من يؤمن منهم بتغليب فلسفة الدويلة من أوهام ولاية الفقيه الزائفة وما شابه من مشاريع مشبوهة لم تجلب على البلاد والعباد سوى الخراب والحروب والويلات، فالدول لا تبنى إلا بالحوار والاستقامة والتفاهم ونزع فكرة الاستكبار والاعتراف بالأخطاء الجميع، خاصةً أولئك الذين استغلوا قضية فلسطين وإسم الله والدين لتمرير مشاريعهم، وتحقيق غايات وأطماع المعممين في طهران. لقد إعتقد ما يسمى بحزب الله أن فرض هيمنته منذ خروج الإحتلال البعثي السوري على الفئات اللبنانية الاخرى، واستئثاره بالسلطة يمكن أن يجعل من لبنان ورقة تابعة لإيران على شاطيء البحر المتوسط، لكنه تغافل أن الإرادة الدولية كما أنها لم تسمح للعامل الفلسطيني بتحويل لبنان إلى وطن بديل، والعامل السوري بضمه، لن تمهد الطريق حتماً أمام طهران لجعله محافظة مذهبية خمينية، فلبنان الذي يريده العالم، ويريده اللبنانيون ويعملون على توريثه إلى أبنائهم من بعدهم هو لبنان الحرية بكل مضامينها وأبعادها، وإذا لم تكن الحريات العامة مصانة ومقدسة كما كفلها الدستور فلا يعود للبنان الذي نعرف أي معنى، ولا يعود لوجوده مبرراً، فالحريات العامة وتركيبة هذا الوطن المتمايز هي الأساس في جوهره وكينونته وعلة وجوده كوطن متعدد الأديان والثقافات ومنفتح على محيطه العربي والعالم بأسره، وطن يتفاعل مع الآخرين من منطلق حضاري ومن دون عقد، ما يجعل منه مجدداً قبلة للأقربين والأبعدين على حد السواء. ومن هنا وبعيداً عن المثاليات والطوباوبات نرى أن سقوط المشروع الخميني الشيطاني، كما سقط قبله مشروع الطاغوت البعثي السوري، يبشر بأيام مجيدة ٱتية وإيجابية، والعلم عند الله، ونبقى…

Spread the love

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *