ذكرى اغتيال لقمان سليم: جريمة لا تزال بلا إجابات

في الرابع من فبراير 2021، اهتزّت الأوساط اللبنانية والعربية بنبأ اغتيال الناشط والباحث السياسي لقمان سليم، أحد أبرز الأصوات المعارضة لحزب الله، والمدافع الشرس عن حرية الرأي والتعبير في لبنان. عُثر عليه مقتولًا في سيارته في جنوب البلاد، مصابًا بعدة طلقات نارية في الرأس والصدر، في عملية اغتيال سياسية واضحة حملت بصمات رسائل الترهيب لكل من يخالف القوى المهيمنة في لبنان.

من هو لقمان سليم؟

وُلد لقمان سليم عام 1962 في حارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت، وهو ابن المحامي والأديب محسن سليم، أحد المدافعين عن الحريات العامة في لبنان. درس الفلسفة والآداب في جامعة السوربون بفرنسا، ثم عاد إلى لبنان ليؤسس دار النشر “دار الجديد” عام 1990، والتي ركّزت على نشر الكتب الفكرية والنقدية الجريئة.

كان سليم ناشطًا سياسيًا ومفكرًا معارضًا لحزب الله، ودائمًا ما نادى بسيادة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها، رافضًا فكرة السلاح خارج إطار الجيش اللبناني. أسس “أمم للأبحاث والتوثيق”، وهي منظمة تُعنى بالتاريخ اللبناني والحروب الأهلية، وعمل على أرشفة العديد من الملفات التي تُوثّق انتهاكات حقوق الإنسان في لبنان والمنطقة.

اغتياله وصدى الجريمة

في الليلة التي سبقت اغتياله، كان لقمان سليم يزور أحد أصدقائه في بلدة نيحا الجنوبية، وعند مغادرته، فقد الاتصال به. وبعد ساعات، وُجد مقتولًا داخل سيارته على طريق العدوسية في قضاء الزهراني. كانت الجريمة مدبّرة بعناية، حيث تعرّض لطلقات نارية مباشرة، في مشهد أعاد إلى الأذهان الاغتيالات السياسية التي هزّت لبنان في الماضي.

لم يأتِ اغتياله كحدث مفاجئ، فقد سبق لسليم أن تلقّى تهديدات مباشرة بالقتل، وواجه حملات تخوين وشيطنة بسبب مواقفه المعارضة. في أحد تصريحاته الشهيرة قبل اغتياله، حمّل حزب الله وحركة أمل المسؤولية الكاملة عن أي ضرر قد يلحق به، وهو ما زاد من التكهنات حول الجهات التي قد تكون وراء العملية.

التحقيقات: لا عدالة حتى اليوم

رغم مرور ثلاث سنوات على اغتياله، لم يُسفر التحقيق عن أي نتائج ملموسة، ولم تتم محاسبة أي جهة أو شخص متورط. لم تُقدّم السلطات اللبنانية تفسيرًا شافيًا للجريمة، مما عزّز حالة الإفلات من العقاب التي تطبع المشهد السياسي اللبناني، حيث تُسجّل الاغتيالات ضد مجهول في معظم الأحيان.

تداعيات الاغتيال

كان لاغتيال لقمان سليم وقعٌ كبير على الساحة اللبنانية والدولية، حيث دانت منظمات حقوقية ودول غربية الجريمة وطالبت بتحقيق شفاف. إلا أن السلطات اللبنانية لم تُظهر أي جدية في متابعة الملف، وسط حالة من الانهيار السياسي والاقتصادي التي تعصف بالبلاد.

بالنسبة لكثيرين، لم يكن اغتيال لقمان سليم مجرد تصفية جسدية لناشط سياسي، بل محاولة لإسكات أي صوت معارض يمكن أن يُهدّد مصالح القوى المسيطرة في لبنان. ورغم اغتياله، لا تزال أفكاره وصوته حاضرين، كشاهد على معركة الحرية في بلد يضيق ذرعًا بأصحاب الرأي الحر.

خاتمة

يظل اغتيال لقمان سليم جريمة موصوفة لم يُكشف عن مرتكبيها حتى الآن، في بلد اعتاد على طمس الحقائق وإفلات الجناة من العقاب. وبينما يبقى الغموض يحيط بالقضية، فإن ذكراه تظلّ حيّة في أذهان من يؤمنون بحرية الرأي وحق الإنسان في التعبير دون خوف من رصاص الغدر.

#لبنان_لنا

#lobnanlana

May be an image of ‎1 person and ‎text that says "‎جريمة لا تزال بلا بلا إجابات‎"‎‎

See insights and ads

Boost post

All reactions:

11You and 10 others

Spread the love

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *