حجم المشاركة في تشييع حسن نصر الله وتأثيره السياسي

حجم المشاركة في تشييع حسن نصر الله وتأثيره السياسي

  1. استندنا إلى تقديرات المساحات المتاحة للحشد في مدينة كميل شمعون الرياضية والمناطق المحيطة بها. بناءً على الحسابات التالية، توصلنا إلى أن العدد الواقعي للمشاركين يتراوح بين 130 ألف و200 ألف شخص، وهو ما يعكس صورة أكثر دقة عن الحضور مقارنة بالأرقام التي يتم تداولها في بعض الوسائل الإعلامية.

وفقًا للقدرة الاستيعابية للمناطق التي شهدت التشييع:

مدرج ملعب كميل شمعون الرياضي يتسع لـ 47,799 شخصًا.

الملعب نفسه، بمساحة 7,350 متر مربع، لكل كرسي مترا مربعا مع احتسب الممرات يمكن أن يستوعب تقريبًا 7,350 شخصًا.

موقف سيارات المدينة الرياضية، الذي يمتد على مساحة 20,000 متر مربع، يمكن أن يستوعب نحو 60,000 شخص إذا احتسبنا 3 أشخاص لكل متر مربع.

طريق السفارة الكويتية، بمساحة 4,800 متر مربع، يمكن أن يضم حوالي 14,000 شخص بنفس معيار الكثافة.

بجمع هذه الأرقام، نصل إلى تقدير يبلغ 129,149 مشاركًا. وإذا أضفنا أعدادًا تقديرية للحشود في بعض الشوارع المجاورة، يمكن أن يصل العدد إلى 200,000 شخص كحد أقصى.

هذا التقدير يتعارض مع السرد الإعلامي الذي قدّم أرقامًا أكبر، مما يعكس رغبة بعض الجهات الإعلامية في تضخيم الحشد لأسباب سياسية.

حتى لو اعتبرنا أن الرقم الأعلى (200,000) دقيق، فإن المقارنة مع أصوات الثنائي الشيعي في انتخابات 2022 (حوالي 535,545 صوتًا) تُظهر فجوة كبيرة، ما يشير إلى:

انخفاض الحماسة الشعبية مقارنة بالماضي.

وجود انقسام داخلي في بيئة المقاومة.

عوامل لوجستية تمنع البعض من الحضور.

تغيير الديناميكيات السياسية بعد حرب غزة.

  1. البعد السياسي: محاولة لعرض القوة وفشلها الجزئي

التشييع لم يكن مجرد مراسم وداع، بل كان فرصة لحزب الله لاستعراض قوته أمام الداخل اللبناني والخارج الإقليمي والدولي. الهدف كان إيصال رسالة بأن الحزب لا يزال الممثل الرئيسي للبيئة الشيعية. لكن، فشل الحشد في الوصول إلى مستوى الكتلة الانتخابية يضعف هذه الرسالة، ويشير إلى أن الحزب لم يعد قادرًا على استقطاب الحشود كما في الماضي.

هذا قد يضعف موقف الحزب في فرض رؤيته السياسية في الحكومة اللبنانية أو أمام المجتمع الدولي.

  1. العنصر الخارجي وتأثيره على الصورة العامة

التحليل يشير إلى أن نسبة لا بأس بها من الحشود جاءت من خارج لبنان (العراق، إيران، سوريا، اليمن). هذه النقطة:

تقلل من مصداقية الادعاء بأن الحزب يملك قاعدة جماهيرية ضخمة في الداخل اللبناني.

تعكس اعتماد الحزب على الدعم الإقليمي أكثر من الدعم الداخلي، ما قد يكون مؤشرًا على تراجع التأييد الشعبي المحلي.

  1. مقارنة مع حشود سابقة وتأثير التغييرات السياسية

في أحداث سابقة، مثل تشييع قادة آخرين للحزب، كان الحزب قادرًا على حشد مئات الآلاف. مقارنة بهذه الحالات، فإن حجم التشييع الأخير يشير إلى تراجع الحشد الشعبي، والذي قد يكون مرتبطًا بعوامل عدة:

التعب الشعبي بعد سنوات من الأزمات الاقتصادية والسياسية.

عدم قدرة الحزب على ضبط السرد الإعلامي بالكامل.

الخلافات داخل بيئة المقاومة حول استمرار النهج الحالي في لبنان والمنطقة.

الاستنتاج العام

بناءً على هذه التحليلات، يمكن القول إن تشييع حسن نصر الله كان محاولة استعراض قوة، لكنها لم تصل إلى التأثير المطلوب. الأرقام الفعلية للمشاركين كانت أقل بكثير من الكتلة الانتخابية، ما يشير إلى تراجع في الالتزام الشعبي التلقائي. كما أن حضور عناصر غير لبنانية يعكس اعتماد الحزب على البعد الإقليمي أكثر من البعد المحلي، ما قد يؤثر مستقبلاً على شرعيته داخل البيئة الشيعية نفسها.

Spread the love

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *