حزب الله والتشييع في 23 فبراير: تهديدات، وعيد، وأساليب الإكراه، والتنسيق في التأثير على الساحة اللبنانية
بعد انكسار حزب الله ووفاة الأمين العام حسن نصر الله، يتجه الحزب إلى التشييع في 23 فبراير كحدث محوري في ظل الظروف الحالية. بينما يبدو أن الحزب يحاول استغلال هذا الحدث لإظهار قوته السياسية، تبرز نقطة مهمة تتعلق بالتحديات التي قد يواجهها من الذين لا يرغبون في المشاركة في هذا التشييع. إذ لا يقتصر الأمر على حشد الأنصار والتأكيد على سيطرة الحزب، بل إن هناك تهديدات ووعيدًا موجهًا للذين لا يلتزمون بالحضور.
في هذه المناسبة، يبرز دور رجال الدين التابعين لحزب الله الذين يوجهون رسائل تحذيرية لأفراد المجتمع اللبناني، خصوصًا لأولئك الذين قد يتجنبون المشاركة في التشييع. هؤلاء رجال الدين يتحدثون بشكل مباشر عن ضرورة الوفاء والولاء للزعيم الراحل، ويضعون ضغوطًا على الأفراد والجماعات لضمان حضورهم.
إضافة إلى ذلك، هناك تهديدات غير مباشرة تصدر من القاعدة العسكرية الخاصة بحزب الله. فكما هو معروف، يمتلك الحزب ميليشيا قوية تتعامل مع أي معارضة أو رفض من قبل الأفراد أو الجماعات بطريقة قد تكون قاسية. تتسم هذه القوة العسكرية بالقدرة على ترهيب كل من يفكر في عدم التفاعل أو الرفض. وهذا يعزز من حالة الرعب التي قد يواجهها العديد من اللبنانيين الذين يشعرون بأنهم مجبرون على المشاركة، سواء كان ذلك بسبب الضغط الاجتماعي أو الخوف من التهديدات المباشرة.
أحد الجوانب الأخرى المثيرة للقلق هو الطريقة التي يعتمدها الحزب في حشد أنصاره، وهي أسلوب الإكراه الذي يُعتبر غير شعبي في لبنان. فالعديد من اللبنانيين يرون أن استخدام هذه الطريقة يفرغ الحشد من طبيعته الطوعية ويجعله مفرغًا من معناه. بدلًا من أن يكون تعبيرًا عن دعم طوعي أو إيمان حقيقي، يصبح التشييع بمثابة فرض من قبل الحزب على المجتمع. هذه الطريقة تجعل المشاركة في التشييع أكثر تعقيدًا، حيث يشعر العديد من المواطنين بأنهم ملزمون بالمشاركة تحت وطأة التهديدات أو الضغط الاجتماعي، مما يزيد من حالة الاستقطاب السياسي للحزب.
إحدى النقاط الأكثر إشكالية التي يعتمدها الحزب هي أسلوب “التخوين” ضد من يرفضون المشاركة في هذا التشييع. حيث يُستخدم التخوين كأداة لتشويه سمعة الأفراد أو الجماعات الذين لا يتماشون مع رغبات الحزب. هذا التكتيك يهدف إلى تصوير هؤلاء الأفراد على أنهم خائنون أو غير مخلصين للقضية، مما يؤدي إلى ضغط اجتماعي هائل لثنيهم عن معارضتهم أو رفضهم المشاركة. هذه الطريقة تسهم في زيادة الاستقطاب والتوتر داخل المجتمع اللبناني، حيث يصبح من الصعب على الأفراد أن يعبروا عن آرائهم بحرية دون الخوف من أن يُتهموا بالخيانة أو الضعف.
هذه العوامل تؤكد أن التشييع في 23 فبراير ليس مجرد حدث ديني أو سياسي، بل هو أيضًا أداة للتهديد والضغط على من لا يلتزمون بأوامر الحزب. الحزب لا يكتفي بالحشد والتأثير الجماهيري، بل يستغل أيضًا السلطة الدينية والعسكرية لفرض إرادته على من يرفضون الانصياع. وهذا يجعل التظاهرة أكثر تعقيدًا من حيث تأثيرها على التوازن السياسي في لبنان.
على الرغم من أن البعض قد يرى أن هذا الحشد يعكس الدعم العميق للحزب، إلا أن هذه التهديدات وأساليب الإكراه إضافة إلى التخوين، تساهم في خلق بيئة من الخوف والتوتر، حيث يعتقد البعض أن أي اعتراض على المشاركة قد يؤدي إلى تداعيات غير مرغوب فيها. ومن هنا، تتفاقم المخاوف بشأن استغلال الحزب لهذه الفعالية لتعزيز هيمنته على الساحة اللبنانية.
في الختام، يمكن القول إن التشييع في 23 فبراير لن يكون مجرد حدث ديني بل سيكون بمثابة ساحة اختبار للنفوذ العسكري والسياسي لحزب الله، حيث يتم الجمع بين الحشد الجماهيري، والتهديدات، والضغط الاجتماعي، والتنسيق اللوجستي، والتخوين لتحقيق الأهداف السياسية للحزب. هذا الأمر سيضيف حالة أخرى من التعقيد للوضع السياسي اللبناني، ويعكس مقدار القوة التي يمتلكها الحزب في هذا الوقت الحرج.